الأحد، 14 يوليو 2013

(( في اليمــــــــــــــن..... أعداؤنا يتماهون معنا!! ))

                 
 مقالة أخيرة قرءتها للكاتب الصحفي ورئيس تحرير مجلة صيف الأستاذ محمود ياسين والتي كعادته الدائمة عنونها بعنوان خلاق بعيدٍ كل البعد عن رتابة العنواين الصحفية وهو ( صراع طبائع... أين النخبة؟ ) وبالنسبة لي وبعيداً عن كل المبالغات والثناءات الزائدة في حق الرجل فإنني أشعر أن مقالاته وأسلوبه الفريد في الكتابة وإثراءه جوهر الموضوع هو حالةٌ خاصة وفريدةٌ من نوعها في إعلامنا اليمني الذي أصبح اليوم يعاني من غزارة الإنتاج على حساب النوع والجودة فيما يطرح على الساحة, وعلى الرغم من أنني قد أختلف مع طرح الرجل في بعض الأحيان إلا أنه لا أختلاف على أن القالب الذي يصب فيه هذا الطرح هو قالب متامسك يحفظ معايير الكتابة الصحفية بالرغم من حساسية الطرح في بعض الأحيان, على كلٍ فإن ذلك المقال الذي أشرت إليه سابقاً لم يختلف عن سابقيه من مقالات الأستاذ محمود من حيث البناء والمضمون ولكنه حوى هذه المرة عبارةً أجزم أنها أبلغ تعبير وأقرب توصيف سمعته أو قرأته للحالة اليمنية المعقدة هذه الحالة التي تحيرنا نحن كايمنيين قبل أن تحير غيرنا ممن يتابعون الشأن اليمني والمتغيرات التي تجري على ساحته اليوم وقبل أن أذكر هذه العبارة الثمينة لابد لي من وضعها في سياقها العام أولاً في مقال الأستاذ أو قل السياق الذي فهمته من المقال.

يتحدث الأستاذ محمود بأسى عن حال النخبة السياسية اليمنية اليوم وماتبديه من ردود أفعال باهتة إزاء القوى الجديدة المتحكمة في قرار اليمن ومصيره في وضع المقارنة مع النخبة السياسية المصرية المفعمة بالحيوة بصورةٍ جعلت نشاطها السياسي محط أنظار المتابعين في العالم العربي والغربي بينما يسير اليمن بصمت مطبق في خطواته المصيرية وأبرزها الحوار الوطني الذي يعول عليه اليوم في تحديد مصير اليمن وأبناءه مستقبلاً بقواه الجديدة التي لم يعد لليمنين مقدرة على تحديد مسارها الحقيقي وهل هي سائرةٌ نحو خير هذه البلد أم شرها هذا الفراغ والعجز الذي أصاب عقلية الإنسان اليمني البسيط وعدم قدرته على تميز عدوه من صديقه هو أمر طبيعي في معظم مجتماعتنا العربية سيما اليمن صاحب المراتب المتدنية في التعليم والثقافة السياسية لدى الفرد وهو ما يعول على نخبتنا الثقافية والسياسية لملإه و شغره وتأدية واجبهم الوطني في إثراء الحياة السياسية وتوعية الفرد اليمني بما يصب في مصلحته ومصلحة بلده وما يسير عكس ذلك ويناقضه, ويعتقد الأستاذ محمود أن هذه النخبة الضائعة التي يسأل عنها في عنوان المقال بقوله ( أين النخبة؟ ) هي ذاتها لم تعد قادرة على تحديد أعداء هذا المجتمع وأبرازهم للمواطن البسيط وهذا جليٌ جداً في تخبطها وتقلب مواقفها السياسية بين الحين والآخر ولم يكتفي الأستاذ محمود في الإشارة إلى عين المشكلة بل ذكر بالضرورة تحليله لسبب هذه الظاهرة وهذا التخبط لدى النخبة وهنا فقط جاء بتلك العبارة التي وصفتها سابقاً بكونها أبلغ تعبير وأقرب توصيف للحالة اليمنية قال: (نحن لا ندري ضد من علينا أن نقف ونواجه.. هل هو الرئيس هادي؟ أم المشترك؟ أم عيال المشايخ؟ ذلك أن خصومنا يتماهون معنا، ولا يمكننا إيجاد مسافة معهم، أو تحديدهم.) نعم نعم يا أستاذ محمود قد أصبت عين المشكلة حقاً, إن أعظم سبب وراء عجز المواطن اليمني ومن خلفه نخبته الوطنية عن تحديد أعدائنا ومن يجب علينا الوقوف ضده اليوم هو أن خصومنا يتماهون معنا فهم على قدرٍ كبير من المرونة والقابلية للتحول والتشكل الخارجي بحيث يبدون أكثر قرباً منا بينما هم في الحقيقة أبعد مايكونون عنا وعن مانصبو إليه كايمنين وببساطة نجد جلاد الأمس قد تحول إلى ضحية اليوم دون أن يكترث بوعي اليمنين ونخبتهم السياسية وقدرتهم على تعريته وإخراجه من ثوبه المصطنع إلى حقيقته المتوارية عن الأنظار لأنهم ببساطة عاجزون عن ذلك في هذه المرحلة المتقدمة التي تعيشها اليمن ولو أن سائلاً يتوجه لي بالسؤال لماذا هذا العجز؟ فابستطاعتي أن أجيبه ببساطة, أنها الفاتورة التي يجب على الشعب اليمني ونخبته دفعها اليوم إزاء قبولهم في الماضي القريب  إنحلال هذه الأورام الخبيثة في المزيج الصافي لأطياف الشعب المنتفض على واقعه وظلمه وتتحمل النخبة في ذلك العبئ الأكبر من سداد هذا الدين لأنها لم تبدي الشجاعة اللازمة في لحظتها التارخية   لرفض هذه الأورام الخبيثه وارتضت بدلاً عن ذلك مكسباً قريباً وحليفاً جديداً وتقليلاً في الخسائر وإختصاراً لمشروعها النضالي وهي اليوم تدفع الثمن غالياً بعجزها ومراوحتها لمكانها أمام توغل تلك الأورام ونموها المضطرد في جسد هذه الأمة....لك الله يايمن الحكمة والإيمان...لك الله.