الثلاثاء، 4 ديسمبر 2012

(( مصر.. قراءة في الواقع السياسي ))

 إذا ماعرجنا اليوم على الواقع السياسي في مصر وبقراءة تتصف قدر المستطاع بالموضوعية والحيادية سنجد الآتي, الواقع السياسي المصري يمكن تقسيمه اليوم إلى واقع ماقبل الإستفتاء,و واقع مابعد الإستفتاء ثم تحديات المرحلة القادمة.

واقع ماقبل الإستفتاء يمكن تلخيصه ببساطة في الإعلام المصري, العام منه والخاص, الموالي لقرارات الرئيس مرسي والدستور والمعارض لكلاهما, ولعلك لوفتشت في معظم برامج التوك شو والحوارات السياسية في الفضائيات المصرية كلها بدون إستثناء ساتتحصل على المفردات التالية : (البلد تعيش حالة إحتقان سياسي),(هناك حالة من الإستقطاب السياسي في الساحة),(البلد في حالة إنقسام سياسي وشعبي),( البلد تعيش حالة من التخبط والفوضى)...إلخ وبخلاف المواطن المصري الذي يستطيع أن يرى حقيقة معاني هذه الجمل و الكلمات على الأرض من عدمها فلا تملك وأنت تشاهد من بعد سوى التعليق على هذا الوضع ومايرشح منه على السطح بعيداً عن التأكد من حقيقة تلك العبارات ومدى صدقها وموافقتها لواقع الحال على أرض مصر العزيزة.

أما واقع مابعد الإستفتاء فالكل يشهد أنه أقل حدة ودراماتيكية من سابقه ولعل ذلك يرجع إلى حقيقة دوران العجلة السياسية المصرية  بعد مراوحتها لأشهر منذ إنتخاب محمد مرسي رئيساً للبلاد في بونيو الماضي ,فهاهم المصريون يصوتون على دستورهم الجديد ويقبلونه بنسبة فاقت ال 63% مقابل 36% هي نسبة الرافضين له وبغض النظر عن السياق غير الطبيعي الذي سارت خلاله هذه العملية من حالة الإستقطاب التي سبقت الإستفتاء إضافة إلى بعض اللغط الذي أثير حول خروقات تطعن في نزاهة نتيجة المرحلة الأولى من الإستفتاء والتي للمفارقة تكاد تنعدم في مرحلته الثانية بشهادة أغلب المنظمات المحايدة التي تعنى بمراقبة عمل الإستفتاء بغض النظر عن كل ذلك فإن الجميع يكاد يقر أن العجلة قد دارت فعلاً وأن مصر تسير نحو مرحلة جديدة تستكمل فيها بناء مؤسسات الحكم بإنتخاب مجلس الشعب الجديد المقرر الشروع بأولى خطواته بعد شهرين من إعلان نتيجة الإستفتاء, كذلك أن السلطة في مصر قد استعادت بعضاً من توازنها وذلك بنقل سلطة التشريع من مؤسسة الرئاسة إلى مجلس الشورى وهو الهيئة الشعبية المنتخبة الوحيدة القائمة بعد حل مجلس الشعب بقرار من المحكمة الدستورية العليا في 14 حزيران/يونيو الماضي،خاصةً مع إضفاء التعيينات الجديدة من قبل الرئيس  لتسعين عضواً للتوازن السياسي والشعبي لقوام ذلك المجلس ذو الأغلبية الإسلامية الكاسحة ب 85% من الإسلاميين.

تحديات المرحلة القادمة لدى المصريين تتمثل في جانبين مهمين, التحدي الأول يكمن في القدرة على رأب الهوه الكبيرة مابين السلطة وتحديداً مؤسسة الرئاسة والمعارضة ولا يتأتى ذلك إلاَ بالشروع في حوار مفتوح وجاد بين السلطة والمعارضة تتحمل فيه كل الأطراف مسؤوليتها السياسية أمام الشعب,السلطة من جانبها عليها أن ترعى ذلك الحوار كونها الأقدر على تلك الرعاية وعليها أيضاً توفير المناخ الأفضل لذلك الحوار بإبداء الجدية في التحاور وتقديم التنازلات للطرف الآخر ,والمعارضة من جانبها عليها أن تبدي مرونةً سياسية أكبر وتبتعد عن سياسية المعارضة المطلقة وتشرع في المعارضة البناءة التي تعرَف السياسة بكونها فن الممكن, التحدي الآخر يكمن في تذليل العقبات أمام إستكمال إستحقاقات المرحلة المقبلة تحديداً فيما يخص عمل مجلس الشورى بعد نقل سلطة التشريع إليه والأجندات التي سايعمل عليها لحين إنتخاب مجلس الشعب الجديد وأهم تلك العقبات إستكمال العمل على قانون الإنتخابات الذي ساينتخب مجلس الشعب الجديد بناءاً عليه.



عبدالرحمن عليوة
27 ديسمبر 2012 م