الاثنين، 27 مايو 2013

((لجَـــــــــــــــــــــــة))

                      
                          ((لجَـــــــــــــــــــــــة))

ياويح نفسي مما رأت في لجَةٍ***والليــل يهـــوي فوقنـــا وينــام

رأت السماء عظيمةً في خلقها***لاتحتـــوي أستارهـــا الأيــــام

ورأيت زينتها مصابيح الدجى***من حسن صنع الخالق العــلاَم

والبحر ممدودٌ على جنباتهـــــا***في الأفق عانقهــا بكــل هيـــام

وكلاهما خلقٌ عظيم شأنـــــــه***ياليت شعري ما خلقنا بعظــام

سبحان خالقنا وخالقهــا الــذي***قد حفَ صنعته بألــف تمــــام


 عبدالرحمن عليوة
 




الخميس، 23 مايو 2013

(( هل هي عادةٌ بشرية..؟ أم أمرٌ يمكن تفاديه..؟ ))

دائماً وأبداً نخطئ...نعم ومن منَا لايخطئ..؟! هكذا هي عادتنا نحن البشر الخطأ ملازم لنا في كل حال وحول ولايكاد يمر بنا يومٌ أو ساعةٌ دون أن نخطئ سواءاً أكان ذلك الخطأ متعمداً أو غير متعمد ,أحياناً عندماً أجد فرصةً للتفكر في خطإٍ إقترفته في حق نفسي أو في حق الآخرين أتعجب كثيراً, إما لفداحة ذلك الخطأ دون مبرر وإما لما قد جرَه علي من ويلاتٍ كنت في غناً عنها لوفكرت قليلاً قبل إرتكابه وأقول في نفسي كثيراً ماذا لو أن بإستطاعة الإنسان أن يوقف عامل الزمن أو يبطئه قبل إرتكابه للخطأ ليفكر قليلاً قبل أن يصبح الخطأ واقعاً تصدح به الألسن أو تنهج به الجوارح ,كثيراً مايؤرقني هذا السؤال هذا الزمن الخاطف الذي يسبق إرتكابنا للخطأ والذي على قصره لايقدر بثمنٍ لو أحسن الإنسان إستغلاله وإستخدامه وبرغم من ذلك لا أحد تقريباً يعي قدره أو يبرع في إستغلاله ليرن السؤال في رأسي مباشرةً ( هل هي عادةٌ بشرية..؟ أم أمرٌ يمكن تفاديه..؟ ) ولايظن ظانٌ أني أكتب هذا الموضوع لأني قد وجدت إجابةً لهذا السؤال المحير بل على العكس ماهذه الكلمات إلاَ جزءاً من الهذيان الذي ينهمر من رأسي كلما قفز هذا السؤال المحير إليه .

ماذا يجب علي الآن..؟! هل علي إعتبار الأمر مجرد عادةٍ بشريةٍ مضطردة تسير على الجميع ولاتستثني أحداً فهي كاناموس أو القانون الكوني الذي لامجال لتغيره وتبديله ولست الآن في حاجةٍ لإنهاك قواي وإعمال عقلي طلباً في وسيلةً لتغيره وتبديله؟ أهكذا هو الأمر حقاً أم أن الأمر يمكن تفاديه؟!!.

ليبقى السؤال قائماً (( هل هي عادةٌ بشرية..؟ أم أمرٌ يمكن تفاديه..؟ )).






عبدالرحمن عليوة 

الثلاثاء، 7 مايو 2013

(( مواقف معبرة ))... الحلقة الثانية ...

                                     (( فوق الحافلة ))


قرعت طبول الحرب في جنبات أبين وفجأةً أصبح الموت يطوق زوايا عاصمتها جعار, زنجبار هي الأخرى راحت تفوح برائحة الموت والدم الجائف وأصبح سكان المدينتين في ليلةٍ وضحاها نازحون عن أرضهم وديارهم إلى أرض وديار أخريين عزاؤهم الوحيد فيها أن أهلها مضيافون ولاشك يرعون فيهم حرمة الجار وحقه في الضيافة خاصةً مع مايمرون به من ظرف حالك وخطب مهلك,إمتلأت عدن وأرجاؤها بالنازحين من محافظة أبين حالف الحظ بعضهم في العثور على أجار مناسب للسكن ولمَا يحالف البعض الآخر الذي لم يجد بداً من السكنى في المدارس والمباني العامة,أسرُ بكاملها أضطرت للقبول بهذا الواقع المزري والمقيت.

في هذه الحقبة وجوها العام دارت قصتنا هذه, بدأ الأمر بأن أستقليت الحافلة العامة (الهايس) من مدينة المعلا عائدا إلى الشيخ عثمان تحديداً إلى منزلي في المنصورة بداخل الحافلة دار حوار شيق بين بعض ركابها بما فيهم العبدلله,لم تكن الحافلة ممتلئةً بكاملها عندما غادرت خورمكسر نحو الخط البحري مايفسر صفون السائق وإستيائه وعدم رغبته في مشاركتنا ذلك الحوار فحصيلته من الركاب لم تكن الحصيلة المأمولة والمرجوة لكن على كل الأحوال فقد دار ذلك الحوار الذي سأحاول جاهداً نقل تفاصيله بدقة لكن كما لايخفى على أحد أن ذاكرة الإنسان خوانةٌ دائماً لكنني سأحاول أن أعتصر ذاكرتي عصراً لأخرج بذلك الحوار ولو بتصرف يسير لايسيء إلى جوهره .

 أمامي في مقعد المنتصف جلس رجل متوسط السن تشي سحنة وجهه بتجاوزه سن الثلاثين وربما إقترابه من سن الأربعين بدا رجلاً ملولاً جداً لايطيق إنتظار مرور الوقت في الحافلة دون حديث وبالفعل فقد بادر سائق الحافلة قائلاً : (( إيش دا الباص فاضي ياطيب ...كيف مخارج معك ..؟!)).

بدا واضحاً أن السائق لم يكن بحاجة لهذه الملاحظة المزعجة من الرجل حول حصيلته المتواضعة من الركاب ولم يكن سوى تذكيراً سمجاً وسؤالاً غبياً من الرجل لكن مع ذلك فقد رد السائق على الرجل بكلمات تبعث على التسليم والرضى بالمكتوب والمقسوم من أرزاق الله وأن لم تخلو من بعض التململ والتهكم على واقعٍ سيء قائلاً : (( الحمدلله نحمده على كل حال,يوم في.. يوم مافيش.. ربك كريم بس القطوعة حق الطريق ياخي دوخوا بأماتينا ودقدقوا باصاتنا )) .

الرجل : ((يارجال...على قولتك ربك كريم ....بس ياخي القطواع حق الطريق يقلك كل ماساعة وشلوا عليهم واحد ودرجونه السجن يرجعوا يقطعوا الطريق لما يخرجوا صاحبهم ..ياخي بيني وبينك دونه الدحابشة يشتيلهم كدا, غير كدا ماينفعش معاهم...))

هزَ السائق رأسه وهو يرمق ببصره الرجل عبر المرآة للحظة قبل أن يعاود الإنتباه إلى طريقه بصورةٍ لايفهم منها موافقته على كلامه ولكن عدم إكثراثه ببساطة.

هنا تسلم طرف الحديث رجل آخر ولكنه كان خلفي هذه المرة في المقعد الأخير مباشرة توجه بكلامه للرجل,

قائلاً بنبرةٍ عالية : ((يا أخي بالله بربك إنته بعقلك تقلي الدحابشة يشتيلهم كدا ؟!!!, يعني إنته بالله تحسب إنو الجماعة يهمهم واللا يزعلوا لو المحببين قطعوا الطريق واللا قفلونه والله ولايهمهم ولاحسهم عنده,دا أصحابنا المحببين عجبهم الصوت قفال طريق وهمببة قات وسجارة وحبوب,ياخي تجيلهم بياس كل يوم دعم عشان يقطعوا خلاف اللي يتهمببوا على الناس... إيش تقولي إنته..؟!!))

الرجل في المقدمة : (( ياخي نحنا الجنوبيين كده ولا بانسد يداتنا بلقوف بعض ,كل واحد يدور اللقمة من لقف الثاني قدامك الدحابشة ياكلوا بلا قياس ويتقاسموا ونحنا فلان شل فلان ترك متى بانقع يد وحده ,بس إن شاءالله الجماعة خارجين خارجين وبانستعيد دولتنا وبانرجع البراميل بانرجع البرميل ( يقصد براميل الشريجة خط الحدود السابق الفاصل بين الدولتين) ....))

الرجل خلفي مقاطعاً : (( هيا أمي أمي ...أحلمولكم  إيشمن دولة باترجع وإندكو( بالعدني هاهم ) عيالنا بأطرف (بأقرب) فرصة مافيش أمن أقتلبوا سرق ومحببين وقطاع طرق إيشمن دولة دي اللي باترجعونه دولة حق محببين مانشتيش ياطيب خلينحنا على الدحابشة أبرك لنا...)).

رد الرجل في الأمام  بنبرةً لاتخلوا من التحدي : (( هيا خير بنشوف... والأيام بيننا وباتشوف إن كان مارجعت الدولة وبانكرد( أماتيهم)* الدحابشة واحد واحد ولا بانبقي (بن **** )...)).

هنا شعرت بضرورة التدخل والمشاركة في الحديث ليس رغبةً فيه أبداً فلم يكن هذا الأسلوب الصاخب في النقاش بين الرجلين محبباً لدي لكن فقط من باب فض النقاش بين هاذين القطبين المتبايين خاصة أن هذا الصخب كان يخرم أذناي جيئةً وذهاباً .

بادرت الرجل أمامي بإبتسامة شفافة ثم عدت والتفت للرجل القاعد خلفي راسماً ذات الإبتسامة على محياي ثم قلت ممازحاً : (( الحين صلوا على النبي إيش في..؟! عادي الرأي والرأي الآخر قناة الجزيرة )).

تبسم الرجلان نحوي إبتسامةً عريضة مع قهقة مسموعة لذلك الذي في المقدمة والذي إستدرك كلامي قائلاً : (( لا عادي عادي مافيش حاجة نحنا بس نهدر واللا نحنا كلنا جنوبيين في النهاية وأخوان  واللحم مايخرج من العظم ياصاحبي, وشوف عادي بانختلف أنا وهو هو بشق وأنا بشق بس نبقى اخوان .....شوف صعب يفرقونحنا الدحابشة صعب..................)) ,لم ينتهي كلام الرجل عند هذا الحد لكنني أقفل قوس الكلام تجاوزاً وتفادياً للمل لدى القارئ لألخص ذلك الكلام الطويل الذي قاله, وخلاصته في جملةٍ بسيطة ( كلام رائع حول المواطنة المتساوية والتآخي بين أبناء شعب الجنوب من أقصاه إلى أقصاه.. ) حقاً لقد كان كلاماً جميلاً يثلج الصدر ويبعث على الأمل في مستقبل واعد لهذا الشعب في قادم أيامه.

مضى الوقت ووصلت بنا الحافلة إلى نهاية الخط البحري وهناك صادفنا زحمةً خانقة عند الجولة (الدوار) فقرر السائق أن يسلك طريقاً فرعياً لتجاوز ذلك الإزدحام لكنه فوجئ بإزدحام آخر في ذلك الخط الفرعي وهو على كلٍ أهون من سابقه مضت الحافلة رويداً رويداً في ذلك الإزدحام حتى توقفت بجانب مبناً لمدرسةٍ ثانوية وأمامها مباشرةً جلس صف طويل من الرجال هؤلاء هم بعض أبناء أبين ممن أضطروا للسكن مع عائلتهم في تلك المدرسة ,بسبب إشتداد الزحام بقيت الحافلة في مكانها لوهلة من زمن.

 عاد الرجل الملول في المنتصف للحديث مجدداً وهو يرمق ذلك الصف من الرجال عبر النافذة قائلاً : (( شوف بالله على منظر جالسين كم منهم تقول شكة فل ( عقد الفل ) يعني هذا قده إحتلال رسمي..!!؟ خلاص الجماعة أحتلوا المدارس ومش راضيين يخرجوا منه ونحنا وعيالنا وتعليمهم كله راح فطيس ... شوف بالله !!؟ ).

تحدث السائق أخيراً بعد صمت وكأن كلمات الرجل قد إستفزته : (( ياخي بالله ناس تعابا( فقراء) مساكين حالتهم حاله بلى بيوت ولاشي وإنته تقولي مدارس عيالنا وتعليم عيالنا يعني فين نجدلبهم بالشارع  يعني بالله دون لوحصلوا بيوت واللا سكن بايجوا يتجدلولك بالمدارس والشوارع , قول الله يعينهم بس )) .

الرجل في المنتصف : (( ياخي ماقلناش لأ تعابا مساكين أيوة بس تحملناهم كفاية يعني لامتى بانجلس على دا الحال بعدين لاتصدقش ياخي هم عجبهم الصوت سكن بلاش ويحصلولهم دعم من هنا ومن هناك حق المنظمات إيش تحسب إنته )).

كنت جالساً بتسمر وأنا أستمع لهذه الجملة من الرجل وقد إعتراني ذهولُ شديدُ مما سمعت لدرجة أنستني أن الحافلة قد تجاوزت الحارة التي أسكنها, ثم تنبهت أخيراً وطلبت من السائق التوقف لأترجل من الحافلة, نزلت من الحافلة وأنا أضرب كفاً بكف على تلك المقولة تعجبت حقا كيف تجسدت المواطنة الزائفة في شخص ذلك الرجل وكيف ناقضت نفسها في لحظات بين ذلك الكلام الجميل حول المواطنة والأخوة بين أبناء الجنوب كافة وبين هذه النرجسية الفاضحة التي تقيئها أخيراً عن أي مواطنةٍ كان الرجل يتحدث إن لم تسع أخوه (المواطن) حتى المدارس لإيوائه وهو في هذا الظرف الحالك ,وبأي مبرر يبرر نرجسيته المقيته وعنصريته الواضحة تجاه إخواننا في أبين وقد كان يغرد على مسامعنا كلماته تلك حول المواطنة والأخوة بين أبناء الجنوب وحتى لو فرضنا أنهم غير جنوبيون أفلا تلزمنا أخوة الإسلام وأخلاقه أولاً ومن ثم قيمنا الإنسانية أن نأوي هذه العصبة حتى يجعل الله لهم فرجاً مما هم فيه؟!!, حقاً والله إنها لمواطنة زائفة... أعادنا الله منها ومن تبعاتها.





عبدالرحمن عليوة